حل النزاعات: الإستعصاء العسكري والمبادرات السياسية

أحدث المنشورات

28
Jan
11
Jan
03
Jan
03
Jan
29
Nov

التصنيفات

كلمات مفتاحية

حل النزاعات: الإستعصاء العسكري والمبادرات السياسية

حل النزاعات: الإستعصاء العسكري والمبادرات السياسية

 نظم المعهد الاسكندنافي لحقوق الإنسان بتاريخ (27 أبريل 2019)  ندوة في مقر المعهد بجنيف  بعنوان حل النزاعات: الاستعصاء العسكري والمبادرات السياسية. شارك بالندوة قرابة 20 شخصاً قدموا من عدة بلدان ( الولايات المتحدة الأمريكية – ألمانيا – بلجيكا – فرنسا- بريطانيا – وارسو، سوريا، الدوحة، استراليا، دبي).

ملخص

عادة ما يتم تصنيف منطقة توتر عسكري بمنطقة نزاع مسلح من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وهيئات الأمم المتحدة المختصة. وبهذا المعنى تصبح مناطق النزاع المسلح خاضعة لاتفاقيات جنيف الأربعة والبروتوكولات الثلاثة الملحقة بها. ومنذ تأسيس الأمم المتحدة، فإن الطرف المعني مباشرة بوقف النزاع المسلح وإحلال السلم ووضع تصور سياسي للحل هو مجلس الأمن، سواء كانت قراراته تحت الفصل السابع أو لم تكن. هذا ما شهدناه في الحروب التي شهدناها قبل وبعد نهاية الحرب الباردة والتي وقع أكثر من تسعين بالمئة منها، خارج دول الشمال، أو مراكز القرار الاقتصادية والجيو سياسية في العالم اليوم. هناك حالات عديدة للنزاعات المسلحة انتهت بانتصار عسكري لأحد أطراف الصراع، وحالات أخرى جرى التفاوض لإنهاء الصراع خارج سقف الأمم المتحدة. فاتفاق الطائف لوضع حد للحرب الأهلية في لبنان جرى في مدينة الطائف، كذلك اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إلا أنه عادة ما يجري تعميد هذه الإتفاقيات إما من الدول الكبرى المعنية أو مجلس الأمن. لقد تحفظ المعهد الاسكندنافي لحقوق الإنسان منذ نهاية 2011 على سياسة بناء المحاور ورفض رئيس المعهد دعوة الرئيس منصف المرزوقي لاجتماع أصدقاء الشعب السوري في تونس ودعوة السفير إريك شفالييه إلى الاجتماع الثاني في باريس وطلب من وزراء خارجية عدد من الدول الأعضاء عدم إدخال سوريا في لعبة المحاور، لأن المواطن السوري هو الذي سيدفع ثمن حرب طاحنة للآخرين على أرضه. وطالب المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي ومن بعد ستيفان ديميستورا بالسعي لموقف مشترك للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن يضع حدا للنزاع المسلح الذي جرى تدويله بالدخول الكثيف للجهاديين ودخول الميليشيات الموالية للحرس الثوري الإيراني في الطرف المقابل، في مواجهات شكل المدنيون 90 بالمئة من القتلى والجرحى. ولعل اجتماعي فيينا قبيل صدور قرار مجلس الأمن 2254 كان أول اجتماع جامع لمختلف الأطراف المؤثرة في القضية السورية. إلا أنه وعلى أرض الميدان، لم يجر خلال السنوات الثلاث الماضية أي احترام لهذا القرار، وبشكل خاص للفقرات (   ) التي عهد للأمين العام للأمم المتحدة تنفيذها في فترة ستة أشهر. تقسمت البلاد لمناطق نفوذ أساسية ثلاثة، منطقة شرقي الفرات التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية تحت راية (قوات سوريا الديمقراطية)، منطقة شمال وشرقي حلب التي تتقاسم السيطرة عليها الفصائل الموالية لتركيا وفصائل جهادية مصنفة على لوائح الإرهاب الأممية، ومناطق سيطرة النظام السوري. حصلت منطقة شرقي الفرات على الغطاء والدعم الأمريكي المباشر ويبدو أن الإدارة الأمريكية، بعد تراجع الرئيس الأمريكي ترامب عن قراره بالإنسحاب، تعتبرها ورقة استخدام سواء للضغط على الجانب التركي أو المواجهات المحتملة المتعددة الأشكال مع النظام الإيراني. في حين تعيش القيادة السياسية- العسكرية لوحدات حماية الشعب حالة إفيونية  يسميها ألدار خليل “أول تجربة ديمقراطية في التاريخ” ؟

في مناطق السيطرة التركية (داخل وخارج الأراضي التركية) أكثر من خمس ملايين مواطن سوري. تدفع تركيا مرتبات ما تسميه “جيش التحرير” وتسيطر على قراراته ومواقفه بشكل كامل،  في حين تسيطر هيئة تحرير الشام على مراكز استراتيجية هامة في إدلب وتنسق مباشرة مع حراس الدين والحزب الإسلامي التركستاني وغيرهما من الفصائل غير السورية المتواجدة في المنطقة. أما مناطق سيطرة النظام، فقد برز منذ أشهر صراع نفوذ غير معلن بين الطرفين الإيراني والروسي، وبدأت عمليات الإرضاء ببيع الأراضي وعقد الصفقات لبيع المنشآت العامة. ويتعزز دور تجار الحرب أكثر فأكثر في اقتصاد البلاد والعباد بحيث أصبح الوضع المعاشي للناس أسوأ وضع يمكن أن يتحمله بشر. ولم يعد من قرار سيادي للنظام، والملفات الوحيدة التي تسيطر عليها أجهزة أمنه هي ملفات الإعتقالات والملاحقات والسرقات.

في المعارضة،  الهيئات السياسية الموجودة اليوم، فهي هيئة التفاوض وما بقي من الإئتلاف وهيئة التنسيق وخمسة من 176 مشارك في مؤتمر القاهرة نصبتهم الخارجية المصرية وأربعة من منصة موسكو. ومن المضحك المبكي أن يصرح السيد نصر الحريري في هذا الوضع المأساوي، وعلى طريقة ألدار خليل في تخدير الناس: “يجب الإيمان بما يلي: الإئتلاف الوطني يمثلني، سياسيا ولن نقارع النظام دونه، وهيئة التفاوض تمثلني في المفاوضات، والحكومة المؤقتة هي السلطة التنفيذية، ووحدة تنسيق الدعم هي ممثلي للدعم الإنساني والمجلس الإسلامي هو من يمثلني شرعيا”. يبدو أن الأفيون السياسي هو القاسم المشترك بين مختلف الأطراف.

في حالة الاستعصاء العسكري السائد، والوجود العملي للحل السياسي في غرفة العناية المشددة، وتغييب السوريين عن تقرير مصيرهم، من الضروري استنهاض كل المواطنين والمواطنات الذين مازالوا يتمسكون بقرارهم الوطني المستقل، للاجتماع معا، تحت مظلة القرارات الأممية ومن أجل احترامها، في مؤتمر وطني سوري يؤكد على رفض اختزال الحل السوري بفقرة هنا أو قضية واحدة هناك، وعلى دور السوريين في تقرير مصيرهم بأنفسهم، بعيدا عن المحاور وباستقلال كامل عن كل الدول التي تعمل بذكاء لمصالحها القومية العليا أولا وأخيرا.

Scroll to Top