حقوق الإنسان والعقوبات الأحادية

حقوق الإنسان والعقوبات الأحادية

إعداد جاك قزنجي

دراسة مقدمة في دبلوم المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان الخاص بتدريب بناء الطاقات والكوادر السياسية والمدنية

24 تموز 2022- 09 آب 2022

جنيف

مدخل

قبل قرن من الزمن، تفاخر الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون، بقوة العقوبات في التأثير على الناس العاديين، واصفًا لها بالقول: “شيء أكثر روعة من الحرب” بسبب قدرتها على إعادة “أمة إلى رشدها تمامًا كما يزيل الاختناق الذي يتعرض له الشخص أية قدرة عنده على القتال”.

لو قرأنا بتمعن هذه الجملة، لوجدنا الرئيس الأمريكي ويلسون يدعو إلى خنق الأمم باعتباره وسيلة لإزالة قدرتها على المواجهة. وإن كان له الأمانة في ذكر الغرض النهائي من أية عقوبات، فهو يعتبر العقوبات وسيلة خنق جماعية لمن يختلف مع بلاده سياسيا أو عسكريا. لحسن الحظ، لم تنجح الولايات المتحدة الأمريكية يوما في تحقيق أهدافها المعلنة عبر العقوبات. ولسوء الحظ، فقد أدخلت واشنطن معظم دول الناتو، وبشكل أساسي غربي أوربة، في هذا المنطق منذ نشأته كتحالف عسكري دولي.

رغم أن العقوبات أثبتت غياب جدواها كسلاح سياسي للتغيير، وأن 208 عقوبة على كوبا، 515 على ميانمار، 651 على فنزويلا، 2608 على سوريا، 3616 على إيران.. لم تغير نظاما سياسيا أو تدفع حكومة لرفع الأعلام البيضاء، يبدو أن البعض ما زال يعتقد بفضيلة العقوبات، حيث تجاوزت اليوم الستة آلاف على روسيا الاتحادية.

من المؤسف أن عملية التطبيع مع أسلوب العقوبات قد خطت خطوات كبيرة، خاصة مع الانضمام الواسع للاتحاد الأوروبي لسياسة العقوبات. ويمكن الحديث عنها اليوم في أوساط ديمقراطية وتقدمية، وحقوقية غربية، كسلاح فعّال. ولكن ألم تفشل في العراق وليبيا سابقا، ألم تتمكن إيران من تشييد مسارب موازية، ألم تعزز العقوبات قوة مافيات التهريب والعقود السوداء وتجار الحرب؟ والاقتصاديات الموازية؟ ألم يكن الأبعد عن السلطات الحاكمة الأكثر تضررا من هذه العقوبات؟ [1]

[1] هيثم مناع، العقوبات على روسيا: فاعلة أم كارثة، العصي الغليظة، ألمانيا، 2022، ص 140 وما بعدها

Jack